سورة سبأ - تفسير تفسير القشيري

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (سبأ)


        


كان سليمانُ- عليه السلام- يتكئ على عصاه وقتما قُبِضُ، وبقي على ذلك الوصف مدةً، والشياطين كانوا مُسَخَّرين يعملون ما أمرهم به، ويتصرفون على الوجه الذي رَسَمَ لهم، وينتهون عمَّا زَجَرَهم، فقد كانوا يتوهمُّون أَنه حيٌّ. ثم إنَّ الأرَضَة أكلت عصاه فَخَرَّ سليمانُ فَعلِمَ الشياطين عندئذ أنه مات، فرجعوا إلى أعمالهم الخبيثة، وانفكَّ عنهم ما كانوا عليه من التسخير؛ وهكذا المَلِكُ الذي يقوم مُلكُه بغيره، ويكون استمساكه بعصا. فإنه إذا سَقَطَ سَقَطَ بسقوطه، ومَنْ قام بغيره زال بزواله.


كانوا في رَغَدٍ من العَيْش وسلامة الحال ورفاهته، فأُمِروا بالصبر على العافية والشكر على النعمة، وهذا أمرٌ سهلٌ يسيرٌ، ولكنهم أعرضوا عن الوفاق، وكفروا بالنعمة، وضَيَّعوا الشكر، فَبَدَّلوا وبُدِّلَ بهم الحال، كما قالوا:
تبدلت وتبدلنا يا حسرةً لِمَن *** ابتغى عِوَضاً لِسَلْمَى فلم يَجِدِ


كذلك من الناس من يكون في رَغَدٍ من الحال، اتصالٍ من التوفيق، وطَرَبٍ من القلب، ومساعدةٍ من الوقت، فيرتكبُ زَلَّةً أو يسيء أدباً أو يتبع شهوةً، ولا يعرف قَدْرَ ما هو به، فيتغير عليه الحالُ؛ فلا وقتَ ولا حالَ، ولا طربَ ولا وصالَ؛ يُظْلِمُ عليه النهارُ وقد كانت لياليه مضيئةَ، كما قلنا.
ما زلت أختال في زمانٍ وحالِ *** حتى أَمِنْتُ الزمانَ مَكْرَه
حال عليَّ الصدودُ حتى *** لم تَبْقَ مما شَهِدْتَ ذرَّة

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8